Thursday, February 23, 2012

ماذا تفعل النساء في ميدان التحرير؟؟


لعبت المرأة المصرية دورا كبيرا في الثورة التي أطاحت بالنظام السابق، وكانت في الصفوف الأمامية جنبا إلى جنب مع الرجل. بعد سنة من سقوط مبارك تشعر النساء المصريات ببدء انحسار دورهن من المشهد.
في ديسمبر نشرت صورة لفتاة تعرضت للضرب ومزقت ملابسها على يد جنود من الجيش أثناء تفريق الاحتجاجات المطالبة برحيل المجلس العسكري وتسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني.
أثارت صورة الفتاة انتقادات واسعة داخل مصر وخارجها على أداء المجلس العسكري وقدرته على إدارة البلاد في الفترة الانتقالية. اتهمت جماعات حقوق الإنسان المحلية المجلس الاعلى للقوات المسلحة باستهداف النساء بشكل خاص لمحاولة منعهن من الاستمرار في التظاهر.
لم تكن تلك المرة الأولى التي تتعامل فيها الشرطة بعنف مع النساء.
ففي شهر نوفمبر قبضت الشرطة على ندى زيتونة مخرجة الأفلام المستقلة حين حاولت تصوير الاشتباكات التي اندلعت بين المتظاهرين والشرطة بشارع محمد محمود القريب من ميدان التحرير.
وتقول ندى إنها تعرضت للضرب والمعاملة العنيفة من قبل قوات الشرطة. "فوجئت بطلقة رصاص مطاطي في الرجل اليسرى وقام أفراد الشرطة بضربي وصدمي بالعصا الكهربائية وقاموا بمصادرة الكاميرا" قالت ندى.
"وقت غير مناسب"
في يناير الماضي، وأثناء الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس مبارك ، كانت المرأة المصرية في ميدان التحرير تواجه الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي جنبا إلى جنب مع الرجال. ومع ذلك، وليس طويلا بعد سقوط مبارك ، بدأت النساء بالشعور بتجاهل حقوقهن في مصر ما بعد الثورة.
فبعد ثلاثة اسابيع فقط من سقوط مبارك، حين ذهبت مئات النساء في الثامن من مارس/اذار إلى ميدان التحرير للاحتفال بيوم المرأة العالمي في محاولة للفت الانتباه إلى قضايا المرأة المصرية، فوجئن بتنظيم بعض الرجال مظاهرة مضادة، قالوا لهن خلالها بأن هذا الوقت ليس الوقت المناسب للحديث عن حقوق المرأة.
كانت اللحظة محبطة، فاللنساء اللاتي تصدين للغاز المسيل للدموع وطلقات الرصاص، قيل لهن من قبل البعض أن المكان المناسب لهن هو المنزل.
كانت من بين هؤلاء النساء سالي ذهني -24 عاما- تعمل في هيئة الأمم المتحدة للمرأة وهي كثيرة النشاط على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي. وعلى صفحتها الخاصة تصف سالي نفسها بأنها شجاعة وذات توجهات تقدمية ومناصرة لحقوق المرأة.
كانت سالي إحدى المتطوعات لتأمين مداخل ميدان التحرير أثناء الثورة في يناير/كانون الثاني الماضي، وكانت تتحقق من شخصية القادمين للميدان وتقوم بتفتيش حقائبهم.
استاءت سالي كثيرا مما قيل للنساء في المظاهرة خاصة ماقيل لهن أن الوقت ليس الوقت المناسب للمرأة.
"لا أستطيع استيعاب فكرة الوقت المناسب، فالنساء كن هناك منذ البداية ومن غير المقبول أن يقال لهن ذلك الان"، تقول سالي.
في اليوم التالي لأحداث 8 مارس، قررت الشرطة العسكرية فض اعتصام التحرير الذي كان ينادي باستقالة حكومة أحمد شفيق، واعتقلت مئات الاشخاص، من بينهم 17 امرأة أخذن إلى المتحف المصري للتحقيق.
كان من بين هؤلاء النساء، سميرة إبراهيم، فتاة تبلغ من العمر 25 عاما، كانت قد اتت من سوهاج للمشاركة في الثورة.
"كنت دائما أحلم بزيارة المتحف المصري، ولكن لم يخطر لي أنني عندما فعلت أخيرا، ستكون الزيارة مليئة بالضرب والصعقات الكهربائية"، قالت سميرة.
بعد ذلك، تم نقل سميرة وغيرها من النساء إلى السجن الحربي وهناك طلب منهن قائد السجن الحربي الوقوف في صفين، أحدهما للنساء المتزوجات والآخر لغير المتزوجات. وقفت سميرة في صف الغير متزوجات.
"في الغرفة كانت هناك امرأة قالت لي أن أخلع ملابسي لأنهم يريدون معرفة ما اذا كنت عذراء أم لا. قلت لها إن هذا غير قانوني وليس لديهم الحق في أن يطلبوا منيالتعري أمام الجميع "لكنني استسلمت بعدما صدموني بالعصا الكهربائية مرة أخرى، وقد قام رجل باجراء الكشف باستخدام يده واستمر الكشف لمدة خمس دقائق" قالت سميرة.
رفعت سميرة دعوى قضائية ضد المجلس العسكري لوقف اختبارات العذرية ومنعها من الحدوث مرة أخرى. في ديسمبر، قضت محكمة القضاء الإداري بعدم قانونية كشوف العذرية.
في البداية أنكر المجلس إجراء فحوص العذرية، حتى اعترف أحد مسئوليه على إحدى المحطات التليفزيونية بأنه تم إجراؤها بالفعل، قائلا: "هؤلاء البنات لسن مثل بناتي أو بناتك، هؤلاء البنات كن يعتصمن في ميدان التحرير ويجلسن في نفس الخيام مع متظاهرين رجال".
كانت سميرة قد أخبرت البي بي سي أنها تنوي مقاطعة الانتخابات البرلمانية. وقالت إنها لا تستطيع أن تثق في أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة ما دام المجلس العسكري مسؤولا.
ولكن في أولى أيام الانتخابات البرلمانية في نوفمبر/تشرين الثاني ، ذهبت الملايين من النساء لمقار اللجان الانتخابية للإدلاء بأصواتهن. صفوف طويلة من النساء احتشدت أمان اللجان الانتخابية، ورغم طول الانتظار الذي قد يصل لساعات قبل التمكن من دخول اللجنة للتصويت إلا أن النساء كن ينتظرن والبسمة تعتلي وجوههن.
إحدى الناخبات المنتظرات خارج لجنة انتخابية تقع في حي مدينة نصر شرقي القاهرة قالت:"إنها المرة الأولى التي أشارك فيها في الانتخابات دون أن أعلم النتيجة مسبقا."
إحدى الناخبات المنتظرات في الصف الطويل أمام اللجنة الانتخابية، فتاة تبلغ من العمر 19 عاما تدعى سارة محمد، كانت ترتدي حجابا ذا لون أزرق وفستانا طويلا تخبرنا أنها عضوة في جماعة الإخوان المسلمين. تقول سارة إنها تحلم بأن يكون للمرأة دور أكبر لتلعبه في الحياة السياسية المصرية.
تمثيل نسائي
يعتبر حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين أكبر حزب في البرلمان الجديد. ومن المثير للانتباه رؤية الدعم النسائي الكبير لجماعة لايوجد في هيكلها التنظيمي من مجلس شورى الإخوان ومكتب الإرشاد أي مشاركة نسائية.
من ناحية أخرى، يعتبر التمثيل النسائي في البرلمان الجديد ضعيفا، فنسبة المقاعد التي فازت بها المرأة في برلمان ما بعد الثورة لم تتجاوز 3 بالمائة من إجمالي مقاعد البرلمان.
تقول سارة محمد إنها تشعر بالإحباط من التمثيل النسائي وقالت إنه يجب تغيير الثقافة السائدة في المجتمع، وإن على المجتمع أن يعي أن للمرأة دورا أكبر لتقوم به في الحياة السياسية.
وأرجعت سارة ضعف التمثيل النسائي لوجود أسامي المنتخبات في ذيل القوائم الحزبية : "نعم هناك مرشحات في القائمة الحزبية ولكن أسماءهن تقع في ذيل القائمة مما يضعف فرصتهن في الفوز".
سارة ليست وحدها في الشعور بخيبة الأمل في تمثيل المرأة في البرلمان، تعليق اخر لسالي ذهني على موقع تويتر يقول "من المحزن أن نرى كل هذه الصفوف من السيدات غير ممثلات في البرلمان".
في 2010 صدر قرار بتخصيص أربعة وستين مقعدا في البرلمان للنساء، في ما اصطلح على تسميته بـ"كوتة المرأة"، ولكن تم إلغاء هذه الكوتة بعد سقوط مبارك.
تقول سالي ذهني إن الكوتة على الرغم من أنها تضمن تمثيلا من ناحية العدد للنساء إلا أن النساء المعينات لايمثلن المرأة المصرية وكن بعيدات كل البعد عن احتياجات الشارع المصري.
وتعتبر سالي أنه على الرغم من التمثيل الضعيف حاليا للمرأة في البرلمان إلا أن المجتمع سيكتشف لاحقا أهمية وجود المرأة في البرلمان "من المهم في المرحلة الحالية أن نهتم بالكيف وليس بالكم."، كما تقول.
تصميم
وعلى الرغم من الشعور بخيبة الأمل الذي يخيم على النساء المصريات اللاتي شاركن في الثورة ، إلا أنهن مصممات على المطالبة بحقوقهن.
في ديسمبر خرجت الالاف من النساء تضامنا مع الفتاة التي مزقت ملابسها وتعرضت للضرب من قبل الشرطة العسكرية وكن يرفعن شعار "سيدات مصر خط أحمر"، ما دفع المجلس العسكري إلى إصدار بيان على صفحته الخاصة على موقع فيسبوك كان نصه: "يبدي المجلس الاعلى للقوات المسلحة اسفه الشديد لسيدات مصر العظيمات لما حدث من تجاوزات خلال الاحداث الاخيرة خارج مجلس الشعب ومجلس الوزراء".
مازالت ندى زيتونة تذهب إلى ميدان التحرير.
"هم يعتقدون انهم يستطيعون كسرنا عن طريق الاهانة والضرب، ولكننا نصبح أقوى ونصر أكثر" قالت ندى.
ولا تزال سالي ذهني تكتب عن حقوق المرأة المصرية على موقع تويتر "علينا أن نكافح من أجل حقوقنا ، الحقوق لا تمنح، ثورة 25 يناير علمتنا ذلك".
وفي ديسمبر من العام الماضي، أصدرت محكمة القضاء الإداري قرارا بوقف تنفيذ قرار الجهة العسكرية المختصة بإجراء فحوص إجبارية على العذرية بحق المتظاهرات.
سعادة ممزوجة بالحذر انتابت سميرة بعد أن علمت بالقرار، ولكنها سرعان ما تأكدت أن مواجهتها للمجلس العسكري لم تنته بعد وأنها ستستمر في تنظيم المظاهرات والاعتصامات في سوهاج.
أما سارة محمد, فهي تحلم بأن تكون رئيسة وزراء مصر يوما ما.

No comments:

Post a Comment